black blue and yellow textile

السيادة الخضراء: هندسة الصمود المناخي وإعادة ابتكار الزراعة المستدامة في العراق 2035

مقترحات تطوير الدولة

حسن السلمان - استشاري تطوير الأعمال

12/23/20251 دقيقة قراءة

السيادة الخضراء: هندسة الصمود المناخي وإعادة ابتكار الزراعة المستدامة في العراق 2035

في وقت يواجه فيه العراق تحديات مناخية غير مسبوقة تهدد كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي، يطرح مكتب تطوير المشاريع خارطة طريق استراتيجية تتجاوز الحلول الترقيعية نحو هيكلة زراعية مستدامة. نهدف من خلال هذا المقال إلى تحليل المسارات الابتكارية التي ستحول أرض الرافدين من ضحية للتغير المناخي إلى نموذج إقليمي للحلول الخضراء، واضعين الأمن الغذائي في قلب منظومة الاستقرار الوطني.

السياق الإشكالي (The Gap)

يكشف التشخيص الدقيق للواقع العراقي في عام 2025 عن فجوة تنموية حادة، حيث يفقد البلد نحو 400 ألف فدان من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحر، مع تسجيل درجات حرارة تجاوزت عتبة الخمسين مئوية، مما أدى لتعطل إنتاج ثمانية من أصل عشرة محاصيل رئيسية. إن الفجوة الحقيقية تكمن في الاعتماد على أنماط ري تقليدية وبذور غير متكيفة مع الجفاف، مما تسبب في إزاحة بيئية لأكثر من 168 ألف شخص. هذا الواقع يفرض ضرورة الانتقال من منطق الإغاثة الطارئة إلى منطق الهندسة الوقائية التي تربط بين الابتكار التكنولوجي والعدالة في توزيع الموارد المائية.

نحن في مكتب تطوير المشاريع، ومن خلال ذراعنا المعرفي منتدى خبراء المشاريع، نطرح منظومة حلول متكاملة تهدف إلى تقليل الانبعاثات بنسبة 22 بالمئة بحلول عام 2035، عبر البرامج الاستراتيجية التالية:

أولاً: منظومة الرصد السيادي (برنامج عراق سات للمناخ)

نقترح البدء بطليعة التحول الرقمي عبر مشروع قمري صناعي صغير من فئة 12U، والمزود بمستشعرات حرارية وعالية الدقة لرصد رطوبة التربة وملوحة الأهوار. القيمة المضافة هنا تكمن في تحويل البيانات الفضائية إلى معلومات تطبيقية عبر تطبيق مطري المخصص للمزارعين، مما يتيح استجابة استباقية للتغيرات المناخية بناءً على أدلة رقمية دقيقة، بدلاً من التخمين الميداني.

ثانياً: الحوكمة المجتمعية (شبكة المراصد المناخية)

نتبنى نموذج مواطن عالم عبر نشر ألف محطة رصد ذكية تعمل بالطاقة الشمسية في القرى والرياف. هذا البرنامج يربط المجتمعات المحلية بمركز بيانات وطني مفتوح المصدر، مما يحول المزارع والمعلم إلى حارس للمناخ. الربط المنطقي هنا هو بناء قاعدة بيانات ضخمة (Big Data) تضمن مشاركة المرأة الريفية بنسبة لا تقل عن 40 بالمئة، لتعزيز المنعة الاجتماعية في المناطق الأكثر هشاشة.

ثالثاً: الاقتصاد الأخضر (صندوق الكربون الأزرق العراقي)

نطرح رؤية استثمارية فريدة ترى في الأهوار وغابات النخيل أكبر مصارف كربون طبيعية في المنطقة. يعمل الصندوق على تسييل هذه الأصول البيئية عبر إصدار سندات كربون أزرق معتمدة دولياً، تباع لشركات النفط الملتزمة بالحياد الكربوني. الهدف هو خلق دورة مالية مستدامة تمول إعادة تأهيل التنوع البيولوجي وتعويض السكان المحليين، مما يحول الحفاظ على البيئة من عبء مالي إلى رافد اقتصادي.

رابعاً: النمذجة التطبيقية (مزارع المستقبل الذكية)

نقترح إنشاء 250 مزرعة نموذجية ذكية بحلول عام 2030، تعمل بنظام الري بالتنقيط الشمسي والزراعة العمودية المائية. تعتمد هذه المزارع على نموذج التمويل المدمج الذي يجمع بين القروض الميسرة والاستثمارات الخاصة. القيمة تكمن في تحويل هذه المزارع إلى مراكز إشعاع تقني تخرج آلاف الشباب المتمكنين من أدوات الزراعة الذكية، مما يرفع الإنتاجية بنسبة 30 بالمئة ويقلل الهدر المائي.

خامساً: الصمود البيولوجي (بنك البذور والجينات)

لمواجهة الملوحة والحرارة، نقترح تصميم أكبر بنك جيني وطني لحفظ وتطوير 12 ألف صنف تراثي عراقي باستخدام تقنيات التحرير الجيني CRISPR. الفلسفة هنا هي حماية الهوية الجينية للرافدين وتوفير أصناف مقاومة للجفاف توزع مجاناً على صغار المزارعين عبر تعاونيات حديثة، لرفع إنتاجية القمح إلى 4.5 طن لكل هكتار بحلول عام 2035.

سادساً: الشفافية الغذائية (سلسلة الغذاء الآمنة الرقمية)

نقترح ربط المنتج بالمستهلك العالمي عبر تقنية البلوك تشين، حيث يحصل كل منتج زراعي عراقي على جواز سفر رقمي يوثق تاريخ الحصاد ونوعية الري. هذا البرنامج يهدف لمضاعفة قيمة الصادرات الزراعية العضوية 12 مرة، مع خلق 50 ألف وظيفة رقمية للشباب، مما يعزز الثقة الدولية في المنتج الوطني ويضمن وصوله للأسواق العالمية بأعلى معايير الجودة.

إن تبني هذه الحلول سيؤدي إلى ولادة نظام بيئي زراعي يتسم بالمرونة والذكاء، حيث نرى انخفاضاً بنسبة 50 بالمئة في معدلات الإزاحة البيئية، وزيادة سيادية في الإنتاجية الغذائية. وبحلول عام 2035، سيتحول العراق إلى مصدر للحلول المناخية، مساهماً في تخفيف التوترات الإقليمية حول الموارد المائية، ومحققاً حلم الاكتفاء الذاتي الأخضر الذي يحمي الأرض ويصون كرامة المواطن.

إن حماية مياه الرافدين وتأمين غذاء الأجيال هي معركتنا الاستراتيجية الكبرى. ندعو الأكاديميين في علوم الزراعة والمناخ، والمستثمرين في التكنولوجيا الخضراء، والمنظمات الدولية الشريكة، للانضمام إلى منتدى خبراء المشاريع بمكتبنا. إننا المنصة التي تحول البحوث الميدانية وبراءات الاختراع إلى سياسات قابلة للتبني الحكومي وتمويل القطاع الخاص. راسلوا المكتب الآن لنبدأ معاً في هندسة واقع زراعي عراقي جديد يليق بتطلعات المستقبل ويحفظ أماننا الغذائي المقدس.

a starry night sky

حماية الرافدين التاريخي

وامن زراعتنا المقدسة

استراتيجية مكتبنا للمناخ والزراعة المستدامة