سيادة الطاقة: إعادة هندسة العقد الطاقوي في العراق من الاستهلاك الريعي إلى الإنتاج الذكي
مقترحات تطوير الدولة
حسن السلمان - استشاري تطوير الأعمال
12/18/20251 دقيقة قراءة
سيادة الطاقة: إعادة هندسة العقد الطاقوي في العراق من الاستهلاك الريعي إلى الإنتاج الذكي 2025-2035
يقف قطاع الطاقة في العراق اليوم أمام منعطف تاريخي يتجاوز مجرد نقص ساعات التجهيز، إنه تحد وجودي يمس جوهر الاستقرار الاقتصادي. نحن في مكتب تطوير المشاريع لا نطرح مجرد محطات توليد إضافية، بل نعلن عن ثورة في فلسفة الطاقة، تنتقل بالدولة من نموذج الإنتاج المركزي المتآكل إلى ذكاء الإدارة اللامركزية، حيث يتحول المواطن من عبء على الشبكة إلى شريك في تأمينها.
السياق الإشكالي (The Gap)
يعيش العراق مفارقة الثروة المهدورة، فهو يحرق مليارات الدولارات من الغاز المصاحب بينما يستورد الوقود لتشغيل محطات متهالكة. الإشكالية الحقيقية ليست في نقص التمويل، بل في نموذج الدولة الريعية الذي يعتمد على التوليد الحراري المركزي بنسبة 100%، متجاهلاً نمواً سكانياً يمتص أي زيادة في الإنتاج فوراً. هذا النموذج أدى إلى ما نسميه وعاء الاستهلاك المثقوب، حيث يضيع جزء كبير من الطاقة نتيجة الفاقد الفني والتجاري وغياب الجباية الذكية، مما يجعل أي استثمار في التوليد التقليدي استراتيجية خاسرة مالياً وبيئياً.
نطرح رؤية حلول الطاقة (Energy Solutions) كمنظومة متكاملة تسعى لفك الارتباط بين النمو الاقتصادي وحرق الوقود الأحفوري، عبر البرامج الاستراتيجية التالية:
استراتيجية المستهلك المنتج (Prosumer Strategy)
جوهر حلولنا يكمن في قلب المعادلة، بدلاً من انتظار المحطات الكبرى، نقترح تفعيل القياس الصافي (Net Metering). يعتمد هذا البرنامج على تحويل أسطح المنازل والمنشآت إلى محطات توليد صغيرة مرتبطة بالشبكة الوطنية عبر عدادات ذكية ثنائية الاتجاه. حيث يتيح هذا النظام للمواطن تصدير الفائض نهاراً والحصول على رصيد دائن، مما يحول المسكن من مستهلك مستنزف للفواتير إلى مصدر للدخل المادي والمعنوي.
التدقيق في كفاءة الطاقة والحدود الذكية
نؤمن بأن الميغاواط الموفر هو أرخص من ميغاواط منتج. لذا، نصمم سياسة الحدود الذكية التي تلزم المنافذ الحدودية بمعايير صارمة لكفاءة الطاقة (Class A & B). القيمة المضافة هنا هي وقف نزيف الطاقة الناتج عن الأجهزة الرديئة، مما يقلل الحمل الذروي بآلاف الميغاواطات دون بناء محطة واحدة، وهو ما يعزز البصمة الكربونية المتدنية للمنتجات المستوردة.
كود البناء والعزل الحراري
يمثل قطاع المباني الثقب الأسود لاستهلاك الطاقة في العراق. حلنا يكمن في مأسسة العزل، عبر تحديث كود البناء العراقي ليكون ملزماً للمشاريع الاستثمارية. استخدام الزجاج المزدوج والعزل الحراري يقلل الحاجة للتبريد بنسبة تصل إلى 40%، مما يحرر هوامش كبرى من الطاقة لصالح القطاع الصناعي.
مزارع الطاقة اللامركزية (Solar Farms)
لتجاوز تعقيدات المشاريع الكبرى، يطرح المكتب نموذج مزارع الطاقة للمستثمرين بسعات صغيرة (1-20 ميغاواط) بالقرب من محطات التحويل. هذا النموذج يحفز القطاع الخاص المحلي عبر اتفاقيات شراء الطاقة (PPAs) بعيداً عن الضمانات السيادية المعقدة، مما يوطن تكنولوجيا الطاقة ويخلق دورة اقتصادية وطنية.
التمويل الأخضر (Green Finance)
نعمل كجسر بين المبادرات المالية (مثل مبادرة البنك المركزي) وبين المستفيدين. نصمم آليات لتقديم قروض ميسرة لتمويل النفقات الرأسمالية (CAPEX) لمنظومات الطاقة الشمسية، مع ضمان الشفافية عبر منصات رقمية تقلل الاحتكاك البيروقراطي وتوجه الدعم لمستحقيه.
النتيجة الأثرية
إن تبني هذه الحلول سيؤدي إلى إنقاذ العراق من ظاهرة افتراس الصادرات، حيث سيتم تحرير ملايين البراميل من النفط والغاز التي تحرق حالياً لتوليد الكهرباء، وتوجيهها نحو الصناعات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة العالية. وبحلول عام 2035، نرى عراقاً لا يكتفي بالاكتفاء الذاتي، بل يتحول إلى مصدر للهيدروجين الأخضر، مستفيداً من ساعات الإشعاع الشمسي العالية ليكون لاعباً جيوسياسياً في سوق الطاقة النظيفة العالمي.
إن التحول الطاقوي هو أكبر ورشة عمل في تاريخ العراق الحديث. ندعو الخبراء الأكاديميين، والمطورين في قطاع المتجددة، والمستثمرين الاستراتيجيين، للانضمام إلى منتدى خبراء المشاريع. مكتبنا جاهز لتحويل بحوثكم في مجالات الذكاء الاصطناعي الطاقوي، وتقنيات العزل، والتمويل الأخضر، إلى مشاريع واقعية قابلة للتمويل والتبني. لنكتب معاً الفصل القادم من سيادة الطاقة العراقية.
التحول من مركزية الإنتاج
إلى ذكاء الإدارة
لما بعد نموذج التوليد المركزي
استراتيجية مكتبنا لحلول الطاقة


